Sunday, August 3, 2008

بعد الثالثه صباحا



استيقظ ثقيلة الرأس .. استشعر تلك الراحه العجيبه التى تدغدغ الجسد كله عقب يوم شاق طويل..

ألبث فى فراشى دقائق لا اعلم كم طالت ،أقلب بصرى فى الظلام الدامس ..

ارغب بشده فى معرفة الوقت .. لقد سقط فى فراشى منذ التاسعه حيث عدت من الخارج..

اخمن من الهدوء المخيم على أنحاء المنزل انه الفجر ..قبله قليلا وربما بعده قليلا

ألبث هنيهه اخرى

أقلب بصرى فى ظلام سقف غرفتى الذى لازالت تتلألأ فيه على استحياء بقايا

من نجوم كانت ساطعه جدا فى أيام مضت..

افكر قليلا..اذا لا بلأس بالقليل من التفكير بعد هذا اليوم المرهق ،

افكر فّّّىّ وفى النجمات وفيهم .. تلمع فى رأسى فكرة ان شىء ما يجمعنى بتلك النجمات..

نعم انا الاخرى كنت ساطعتا فى ايام ما ..

ولكنها كذلك مضت أشعر أن حاسة النكد الازليه لدى بدأت تنشط..

أهز رأسى لأطرد منها الافكار السوداء..

لا مزيد من الاحباط..على الاقل لليوم فقط ،

لقد أخذت حقى من الاحباط لعقود قادمه
أنهض من فراشى ..أنفض عنى بوادر الاستسلام للشجن أسير فى الظلام

أفكر كم كنت أخشى السير فى الظلام وانا صغيره .. يعتقد والداى انى قد شفيت من تلك العاده الطفوليه اللعينه ..

الا ان ما يجهلونه اننى لازلت الطفله ذاتها .. بكل مخاوفها..سذاجتها وربما اخطاءها ..

ولكن فى جسد و هيئه خداعتان أرغب بشده فى فتح مصباح الصاله حيث اسير ..

أمد يد تائهه تتلمس مفتاح الكهرباء.. أصل لمبتغاى..

..أغير رأى قررت ان أسير فى الظلام

لقد عودتنى الحياة مؤخرا ان امشى فى الظلام..

كانت دروبى كلها مرسومه سلفا ومضاءه يوم كنت صغيره ..

ابجور بجوار السرير، ضوء الصاله ، سهارية الحمام ..

مدرسه محدده ، مصروف أخذه دون أى خجل او ذنب

اليوم أصبحت كل السبل مجهوله مظلمه وعلى أنا وحدى أن أسبر أغوارها .

أصل الى غرفة المعيشه..

فضولى لمعرفة الوقت أصبح لا يقاوم أضىء الابجور ..

أنظر اخيرا الى الساعه.. لقد تجاوزت الثالثه صباحا بشىء يسير..

الجميع نيام ..

المنزل يغوص فى الظلام والهدوء.. شيئان لم اعتدهما ابدا فى هذا المنزل

أدير التلفاز ..واتركه ليصنع ضجيج خفيض محبب احاول ان ألهى نفسى عن خواطرى السوداء بمتابعة اى شىء يعرض عبر الشاشه..

النشره ..يتحدثون عن اشياء كثيره لاتخرج بحال عن قتلى وجرحى وكوارث ..

أشعر بالضيق .

..ادير المؤشر لقناة اخرى..

لقطه من فيلم اجنبى ..حوار بين الزوجين .. الكلاشيه المعروف زوجه منكسره و زوج سىء للغايه .. اردد بغير وعى "هما كل الرجاله كده"..

استشيط غضبا وادير المؤشر مره اخرى.

اتذكر نظرية المؤامره .. أغلق الجهاز تماما اتمدد على الاريكه ..

يبدو اننى سأستسلم اخيرا لنوبة من توبيخ النفس..

أتذكر تقصير فى لقائى من اجل العمل اليوم ، فرصه أخرى أضعتها بكل بساطه...

ثم رحلتى القصريه الى طبيبة الاسنان ..

حيث كانت كل جروحى قد نضجت بالفعل

لا أعلم لماذا كنت أشعر أنها كانت تحفر أعماقى لا أسنانى ..

"أتأخرتى على نفسك أوى..استحملى بقى" كلماتها القاسيه الخاليه من أى رحمه ترن فى أذنى ..

مايزعجنى ليس ما قالته ولا الطريقه التى قيل بها.. انها الحقيقه ببساطه ربما فذلك ما يؤلم حقا

مللت من الاخفاقات المتتاليه ..بحيث أصبح خروجى من حالة الاكتئاب التى يخلفها كل اخفاق ليست سوى تأهيل لمواجهة الاخفاق التالى..

نعم أحتاج لتحسنات كثيرا اجريها على ذاتى.. مزيد من الالتزامات الدينيه والتقرب الى الله .. محاولة استكشاف نفسى فى مجالات أخرى ..

لماذا اعتزل كل ما أبرع فيه .. وأزهد فى كل ما يرغب بى ؟

اعرف جيدا انى احتاج الى المزيد من النشاط والمثابره ..

أحتاج كذلك لحميه غذائيه قصيرة الاجل ،

أحتاج الى استقرار،

والى جلسه دافئه طويله مع أصدقاء لازالوا معبئين برائحة أيام جميله ساطعه ولت..

أحتاج الى مصارحه معه ..معهم ومع نفسى.
أعرف جيدا دائى وما احتاجه من علاج .. ولكننى لا أعرف كيف أقوم بذلك الربط البسيط المنطقى بين الامرين..
لا أشعر الان بشىء سوى
بالاحبااااااااط ..

يلتهمنى من أعلى رأسى حتى أخمص قدمى

ترهقنى الافكار اتقلب على الاريكه ..صوت صادر من كيس بلاستيكى يئن تحت رأسى.. أمد يدى أتلمس الكيس ،أمسكه واستطلع ما فى داخله ..

كيس بلاستيكى كبير يعج بلوان شتى من الحلوى .. لابد انه يخص شقيقى الصغير ..

لايهم ..كلنا صغار أمام الحلوى ..

أعتدل قليلا ..أتكىء على جانبى ..

ألتقط محتويات الكيس الواحد تلو الأخر ،أفتحها جميعا..

وأبداء فى التهامها بشراسه كأسد جائع منذ دهر ظفر بفريسه سمينه ..

ثم أغط فى نوم عميق..............

خلاص لا يأتى


ذلك الخواء القارس الذى يلهب روحك كسوط .. يخلف بداخلك ندوبا صعب أن تندمل


تستطيع أن تشتم رائحة الألم الضارب فى أعماقك ..رائحه تكاد تنفذ من أنسجتك

وتلك الدموع المتجمعه على مشارف المقلتين .. ترغب بشده فى الانجراف سيولا تروى وجنتيك

الا أن جل ما ينقصها هو عذر مقبول لألا تثير علامات الاستفهام حولها


تقتنص أولى الأعذار وان بدت واهيه .. فعذر واهى للدموع خير من لا عذر على الاطلاق

تنفجر الدموع أخيرا


.. فدائما ما أمنت أنه لا سجين أشقى من دمعه أو كلمه تحتجزهما داخلك


. ولا سجان أقسى و لا أجبن منك .. تمنعهما من فرار انت وهما فى أشد الحاجه اليه

ها أنت اليوم قررت أن تكون رحيما ..شجاعا .. أفلتهم و انتظرت الخلاص


ولكن السيول لا تزال تنهمر.. وانت تنتظر خلاصا ..
يبدو أنه لن يأتيك أبدا